فصل: من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

سورة النّور:
{سورة أَنْزَلْناها} (1) مرفوعة بالابتداء ثم جاء الفعل مشغولا بالهاء عن أن تعمل فيها وبعضهم ينصبها على قولهم زيدا لقيته والمعنى لقيت زيدا.
{فَرَضْناها} (1) أي حددنا فيها الحلال والحرام، ومن خففه جعل معناه من الفريضة.
{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما} (2) مرفوعا من حيث رفع {السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما} (5/ 38) وكان بعضهم ينصبهن.
{وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ} (8) مجازه، عنها الحدّ والرجم.
{جاؤُ بِالْإِفْكِ} (11) مجازه، الكذب والبهتان، يقال كذب فلان وأفك، أي أثم.
{تَوَلَّى كِبْرَهُ} (11) أي تحمّل معظمه وهو مصدر الكبير من الأشياء والأمور، وفرقوا بينه وبين مصدر الكبير السن فضمّوا هذا فقالوا: هو كبر قومه وقد قرأ بعضهم بالضمة بمنزلة مصدر الكبير السنّ {كِبْرَهُ} ويقال: فلان ذو كبر مكسور أي كبرياء.
{ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} (12) أي بأهل دينهم وبأمثالهم.
{لَوْلا جاؤُا عَلَيْهِ} (13) مجازه هلا جاءوا عليه وقال:
تعدّون عقر النيّب أفضل سعيكم ** بنى ضوطرى لولا الكمىّ المقنّعا

أي فهلّا تعدّون قتل الكمىّ.
{فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ} (14) أي حضتم فيه.
{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} (15) مجازه تقبلونه ويأخذه بعضكم عن بعض قال أبو مهدى: تلقيت هذا عن عمّى تلقاه عن أبى هريرة تلقاه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
{قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ} (16) أي ما ينبغى.
{خُطُواتِ الشَّيْطانِ} (21) مجازه آثار الشيطان ومذاهبه ومسالكه، وهو من {خُطُواتِ}.
{وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ} (22) مجازه ولا يفتعل من آليت: أقسمت، وله موضع آخر من ألوت بالواو. أولو الفضل: أي ذوو السّعة والجدة، والفضل التفضل.
{أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ} (31) جمع بعل وهو أزواجهن {أَوْ إِخْوانِهِنَّ} أي إخوتهن.
{غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} (31) مجازه مجاز الإربة الذين لهم في النساء إربة وحاجة، وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم أملكهم لإربه أي لشهوته وحاجته إلى النساء.
{الْأَيامى} (32) من الرجال والنساء الذين لا أزواج لهم ولهن، ويقال:
رجل أيم وامرأة أيمة وأيم أيضا، قال الشاعر:
فإن تنكحى أنكح وإن تتأيّمى ** وإن كنت أفتى منكم أتأيّم

{وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ} (33) مجازها إمائكم والفتى في موضعها العبد أيضا والبغاء مصدر: البغي وهو الزناء.
{مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ} (35) وهى الكوّة في الحائط التي ليست بنافذة، ثم رجع إلى المشكاة فقال: {كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} بغير همز أي مضىء ويراد كالدرّ إذا ضممت أوله، فإن كسرت جعلته فعيلا من درأت وهو من النجوم الدرارئ اللاتي يدرأن.
{يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} (35) مجازه لا بشرقية تضحى للشمس ولا تصيب ظلا ولا بغربية في الظل ولا يصيبها الشرق ولكنها شرقية وغربية يصيبها الشرق والغرب وهو خير الشجر والنبات.
{كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ} (39) السراب يكون نصف النهار وإذا اشتدّ الحرّ والآل يكون أول النهار يرفع كل شخص. والقيعة والقاع واحد.
{لُجِّيٍّ} (40) مضاف إلى اللجة وهى معظم البحر.
{لَمْ يَكَدْ يَراها} (40) لباب كاد مواضع: موضع للمقاربة، وموضع للتقديم والتأخير، وموضع لا يدنو لذلك وهو لم يدن لأن يراها ولم يرها فخرج مخرج لم يرها ولم يكد وقال في موضع المقاربة: ما كدت أعرف إلا بعد إنكار، وقال في الدّنوّ: كاد العروس أن يكون أميرا، وكاد النّعام يطير.
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحابًا} (43) أي يسوق.
{ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكامًا} (43) أي متراكما بعضه على بعض.
{فَتَرَى الْوَدْقَ} (43) أي القطر والمطر، قال عامر بن جوين الطّائى:
فلا مزنة ودقت ودقها ** ولا أرض أبقل إبقالها

{يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} (43) أي من بين السحاب، يقال: من خلاله ومن خلله، قال زيد الخيل:
ضربن بغمرة فخرجن منها ** خروج الودق من خلل السّحاب

{سَنا بَرْقِهِ} (43) منقوص أي ضوء البرق وسناء الشرف ممدود.
{فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ} (45) فهذا من التشبيه لأن المشي لا يكون على البطن إنما يكون لمن له قوائم فإذا خلطوا ماله قوائم بما لا قوائم له جاز ذلك كما يقولون: أكلت خبزا ولبنا ولا يقال: أكلت لبنا، ولكن يقال: أكلت الخبز قال الشاعر:
يا ليت زوجك قد ** غدا متقلّدا سيفا ورمحا

{يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} (49) أي مقرّين مستخذين منقادين، يقال: أذعن لى: انقاد لى.
{قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} (53) مرفوعتان، لأنهما كلامان لم يقع الأمر عليهما فينصبهما، مجاز.
{لا تُقْسِمُوا} أي لا تحلفوا وهو من القسم ثم جاءت طاعة معروفة ابتداء فرفعتا على ضمير يرفع به، أو ابتداء.
{لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (56) واجبة من اللّه.
{وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ} (60) هن اللواتى قد قعدن عن الولد ولا يحضن قال الشّمّاخ:
أبوال النساء القواعد

{مُتَبَرِّجاتٍ} (60) التبرج أن يظهرن محاسنهن مما لا ينبغى لهن أن يظهرنها.
{وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} (61) وأصله الضّيق.
{أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ} (61) أو ما ملكتم إنفاذه وإخراجه لا يزاحم في شيء منه.
{أَشْتاتًا} (61) شتّى وشتّات واحد.
{لِواذًا} (63) مصدر لاوذته من الملاوذة.
{الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} (63) مجازه يخالفون أمره سواء، وعن زائدة. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن السورة التي يذكر فيها النور:

.[سورة النور: آية 24]:

{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (24)}.
وقوله سبحانه: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (24)}. وهذه استعارة على أحد التأويلات الثلاثة، وهو أنه سبحانه يجعل في الأيدى التي بسطت إلى المحظورات، والأرجل التي سعت إلى المحرمات، علامة تقوم مقام النطق المصرّح، واللسان المفصح، في الشهادة على أصحابها، والاعتراف بذنوبها.
فأما شهادة الألسنة فقد قيل إن المراد بها إقرارهم على نفوسهم بما واقعوه من المعاصي، إذ علموا أن الكذب لا ينفعهم، والجحود لا يغنى عنهم.
وليس ذلك بمناقض لقوله سبحانه: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} لأنه قد قيل في ذلك إنه جائز أن تخرج ألسنتهم من أفواههم فتنطق بمجرّدها، من غير اتصال بجوزاتها ولهواتها. فيكون ذلك أعجب لها، وأبلغ في معنى شهادتها. ويختم في تلك الحال على أفواههم.
وقيل يجوز أن يكون الختم على الأفواه إنما هو في حال شهادة الأيدى والأرجل، بعد ما تقدم من شهادة الألسن.
وأما التأويلان الآخران في معنى شهادة الأيدى والأرجل، فالكلام يخرج بهما عن حد الاستعارة إلى الحقيقة. وذلك أنهم قالوا: إن اللّه سبحانه يبنى الأيدى والأرجل بنية تكون هي الناطقة بما تشهد به عليهم، من غير أن يكون النطق منسوبا إليهم.

.[سورة النور: آية 31]:

{وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)}.
وقوله سبحانه: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ (31)} وهذه استعارة. والمراد بها:
إسبال الخمر التي هي المقانع على فرجات الجيوب، لأنها خصاصات إلى الترائب والصدور، والثدي والشعور. وأصل الضرب من قولهم: ضربت الفسطاط. إذا أقمته بإقامة أعماده، وضرب أوتاده. فاستعير هاهنا كناية عن التناهى في إسبال الخمر، وإضفاء الأزر.

.[سورة النور: آية 35]:

{اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)}.
وقوله سبحانه: {اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (35)} وهذه استعارة. والمراد بذلك عند بعض العلماء أنه هادى أهل السموات والأرض بصوادع برهانه، ونواصع بيانه، كما يهتدى بالأنوار الثاقبة، والشّهب اللامعة.
وقال بعضهم: المراد بذلك- واللّه أعلم- اللّه منوّر السموات والأرض بمطالع نجومها، ومشارق أقمارها وشموسها.
وقوله سبحانه: {يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ (35)} وهذه مبالغة في وصف الزيت بالصفاء والخلاصة، على طريق المجاز والاستعارة، حتى يقارب أن يضىء من غير أن يتصل بنار ويناط بذلك.

.[سورة النور: آية 37]:

{رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (37)}.
وقوله سبحانه: {يَخافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (37)} وهذه استعارة.
والمراد بتقلب القلوب هاهنا: تغيّر الأحوال عليها، من الخوف والرجاء، والسرور والغم، إشفاقا من العقاب، ورجاء للثواب. والأولى صفة أعداء اللّه، والأخرى صفة أولياء اللّه.
وأما تقلّب الأبصار فالمراد به تكرير لحظ المؤمنين إلى مطالع الثواب، وتكرير لحظ الكافرين إلى مطالع العقاب.

.[سورة النور: آية 39]:

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (39)}.
وقوله سبحانه: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (39)}.
قوله تعالى: {وَوَجَدَ اللَّهَ} استعارة ومجاز. والمعنى: فوجد وعيد اللّه سبحانه عند انتهائه إلى منقطع عمله السيّء، فكاله بصواعه، وجازاه بجزائه. وذلك يكون يوم المعاد، وعند انقطاع تكليف العباد.
وقد قيل أيضا: إن الضمير في قوله تعالى: {عِنْدَهُ} يعود إلى الكافر لا إلى عمله، فكأنه تعالى قال: فوجد اللّه قريبا منه، أي وجد عقابه مرصدا له، فأخذه من كثب، وجازاه بما اكتسب. وذلك كقول القائل: اللّه عند لسان كل قائل. أي يجازيه على قول الحق بالثواب، وعلى قول الباطل بالعقاب. والقولان جميعا يؤولان إلى معنى واحد.

.[سورة النور: الآيات 43- 44]:

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (43) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (44)}.
وقوله سبحانه: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ (43)}. وهذه استعارة على بعض التأويلات. لأن الجبال هاهنا يراد بها السحاب الثّقال، تشبيها لها بكثائف أطوادها، ومشارف هضابها.
ويكون الضمير في قوله سبحانه: {مِنْ جِبالٍ فِيها} عائدا على السماء لا على الجبال.
فكأنّ التقدير: وينزل من جبال من السماء من برد، يريد من السحاب المشبهة بالجبال.
وتكون الفائدة في قوله من جبال في السماء تخصيص تلك الجبال من جبال الأرض.
لأنا لو جعلنا الضمير الذي فيها عائدا على الجبال أوهم أنها جبال تنزل إلى الأرض من السماء. فإذا جعلنا الضمير عائدا إلى السماء أمن الالتباس، وكان في ذلك أيضا تعجّب لنا من وصف جبال في السماء على طريق التشبيه، لأن الجبال على الحقيقة لا تكون إلا في قرارات الأرض، وصفحات التّرب.
وقوله سبحانه: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (44)} وهذه استعارة. والمراد بها طرد النهار بالليل، وطرد الليل بالنهار. فكنى عن ذلك سبحانه باسم التقليب. وليس المراد تقليب الأعيان، بل تغاير الأزمان. اهـ.